اختتم اليوم الجمعة، في باجان بمنطقة ماندالى في ميانمار (بورما سابقاً)، أول اجتماع إقليمي لوزراء خارجية دول الآسيان تستضيفه ميانمار منذ توليها رئاسة الكتلة (في الأول من يناير 2014) بعد أن تسلمتها من بروناى، تحت اسم (الانتقال معا نحو مجموعة مسالمة ومزدهرة).
ويشار إلى أن الأمين العام لرابطة دول الآسيان، قد صرح مؤخراً بأن: رئاسة بورما لهذا التجمع الإقليمي "فيه محاولة للدخول إلى المجتمع الدولي، لكن مسألة حقوق الإنسان تقف عائقاً أمامها؛ لممارستها انتهاكات إنسانية ضد أقلية الروهنجيا".
كما صدر في نفس التوقيت تصريح آخر لمدير إدارة آسيا بوزارة الخارجية الكويتية، أعرب فيه عن أسفه لما تتعرض له الأقلية المسلمة في ميانمار من اضطهاد، وقال بأن وزارته قدمت اعتراضاً على ما تشهده هذه الأقلية من تفرقة.
حول ضغوطات المجتمع الدولي ومدى تأثير التصريحات الصادرة عنه في إحداث تحول في سياسة سلطات ميانمار العسكرية إزاء ملف الأقلية الروهنجية المسلمة القاطنة في إقليم أراكان بغرب البلاد.
كان لـ(الأمة) هذا الحوار مع د.طاهر محمد سراج الأراكاني، رئيس المؤتمر العام لاتحاد روهنجيا أراكان. والذي أكد في هذا الحوار بأن السماح للأقلية الروهنجية المسلمة بالمشاركة في الاحصاء السكاني المقرر البدء فيه أواخر شهر مارس القادم؛ يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو تصحيح الأوضاع في البلاد
* ما رأيكم في التصريحات (الدولية) التي تنتقد تعامل سلطات ميانمار (بورما سابقا)، في ملف مسلمي الروهنجيا؟ هل ترونها كافية؟ أم مطلوب من المجتمع الدولي دوراً أكثر تأثيراً لإجبار سلطات بورما على اتخاذ خطوات حقيقية لرفع الظلم عن مسلمي الروهنجيا؟
** بدايةً، نحن في اتحاد الروهنجيا أراكان (ARU) نرحب بجميع التصريحات الدولية التي تساعدنا في استعادة حقوقنا المشروعة، وأقدم بالغ الشكر والتقدير لكل من دولة الكويت الشقيقة المتمثلة في وزارة الخارجية، وقد قامت بجهود مباركة منذ بداية الأحداث، وكذلك منظمة رابطة دول آسيان، ونرحب بتصريح أمين عامها.
ونحن الروهنجيا في إقليم أراكان، نتعرض لأبشع انتهاكات حقوق الإنسان منذ أكثر من عام، وهذه التصريحات في هذا التوقيت مهمة جدا بالنسبة لنا، لأنها تأتي بالتزامن مع رئاسة حكومة ميانمار لرابطة دول الآسيان، وهى فرصة مناسبة كي تقوم هذه الرابطة الإقليمية بواجبها بالضغط على حكومة ميانمار لتغيير سياستها القائمة على اضطهاد الأقليات في هذه الدولة وفي مقدمتها الأقلية الروهنجية المسلمة.
* هل يمكن لمنظمة دول الآسيان القيام بدور ملموس في هذا المسار؟
** هذه المنظمة أسست لأجل خدمة الإنسان في منطقة جنوب أسيا؛ فليس معقولاً أن تكون هناك منطقة بها مازالت محرومة من أبسط حقوقها الإنسانية.
ولكن للأسف الـ(الآسيان)، لازالت تتردد في تفعيل أنظمتها لحماية الإنسان في إقليم أراكان في ميانمار.. ولازال التحرك ضعيفا، ونرى أنه إذا كانت هذه الرابطة تسعى لتفعيل دور حكومة ميانمار إقليمياً ودمجها داخل المجتمع الدولي؛ فلابد أن نعطي حقوق الإنسان أولوية قبل حقوق الحكام وقبل حقوق الأنظمة؛ فإن الأنظمة لم توضع إلا لأجل حماية الإنسان وليس لحماية النظام الذي يحمي الانتهاكات.
أمر آخر.. فهذه التصريحات في هذا التوقيت مهم للغاية.. فحكومة ميانمار في شهر مارس ستقوم بإجراء إحصاء سكاني، ونحن في هذه المرحلة الحساسة، حيث يريد جميع مسلمي ميانمار عامة، والروهنجيا في داخل إقليم أراكان خاصة السماح لهم بتسجيل أسمائهم الأصلية ووفق ديانتهم وعرقيتهم في حرية وآمان.
لذلك فنحن ندعو المجتمع الدولي وحكومات العالم والمنظمات الدولية للضغط على حكومة ميانمار لتسهيل إجراءات تسجيل جميع الروهنجيين وتسهيل تعبئتهم للاستمارات الخاصة بعملية الإحصاء السكاني؛ لأنها تمثل الخطوة الأولى نحو تصحيح الأوضاع في البلاد.
في حالة سماح السلطات في ميانمار بمشاركة الأقلية الروهنجية في الإحصاء السكاني.. ما هي التحديات الأخرى التي يمكن أن تعوق مشاركتهم؟
هناك مخاطر من البوذيين في هذا الصدد ، لذلك ندعو المجتمع الدولي لمخاطبة حكومة ميانمار لحمايتهم ولضبط العرقية البوذية التي تسمى بـ(الموغ) في داخل أراكان حتى لا يثيروا مشاكل أخرى، وحتى لا يكونوا سببا لمذبحة أخرى للمسلمين، ولكي لا يُمنعوا من التعبير عن عرقيتهم أثناء التسجيل وتعبئة استمارات الإحصاء في حرية ودون خوف أو تهديد من أحد.
أقول ذلك لأن البوذيين (الموغ) في منطقة أراكان يحاولون دائماً إثارة المشاكل بأي طريقة وسوف يحاولون منع مسلمي الروهنجيا من الوصول إلى مكاتب التسجيل وتعبئة الاستمارات.
* في هذه الأجواء.. وإذا ما حصلتم على ضمانات بعدم التعرض إليكم بأذى.. ما هو دوركم في تشجيع الروهنجيين بالمشاركة وطمأنتهم بعدم تعرضهم لأي أذى؟
** نحن نحاول بشتى الطرق لتشجيع المسلمين على المشاركة في تسجيل وتعبئة الاستمارات حتى يستطيعوا أيضاً تسجيل أبنائهم، لابد لنا من تسجيل العرقية (العرقية الروهنجية)، لأن عدم تسجيل ذلك يعني ضياع حقوقنا التاريخية والوطنية في هذه البلاد، وهذا ما يسعى لتحقيقه كل من النظام الحاكم والمجموعات البوذية المتطرفة.
* ما هي رسالتكم إذن للمجتمع الدولي في هذا التوقيت الهام بالنسبة لقضيتكم؟
** رسالتنا للمجتمع الدولي: نحن الآن نحتاجكم.. نريد منكم أن تساعدوننا في هذا التوقيت، ولمساعدة الروهنجيين في التسجيل وتعبئة الاستمارات دون ضغط من الحكومة المحلية أو من السلطة المركزية أو حتى من المجموعات البوذية.
وفي نفس الوقت نتوجه بالشكر للأطراف الدولية والحكومات على هذه التصريحات التي تستنكر فيها حرمان السلطات الحاكمة الأقلية الروهنجية من حقوقها. ولكن في نفس الوقت هذه التصريحات لا تكفي دون تفعيلها؛ فلابد من تفعيلها.
وهذا هو التوقيت المناسب جدا للضغط على حكومة ميانمار لإصلاح ملف حقوق الإنسان وما يتعلق بحقوق الأقلية الروهنجية وهي تمارس هذه الانتهاكات والمجتمع الدولي يتفرج عليها دون ضغط كافي لإيقاف هذه الانتهاكات.
أما بالنسبة لرابطة الآسيان فهى تستطيع وقف رئاسة ميانمار لهذا التجمع الإقليمي الآسيوي حتى تقوم بإصلاح ما يتعلق بحقوق الإنسان الروهنجي وبحقوق المسلمين في داخل أراكان؛ كشرط سابق لرئاسة ميانمار هذا التجمع.
* وما هي رسالتكم للعالمين العربي والإسلامي والذين هم إخوة لكم في الدين؟
** المطلوب الآن وبشكل عاجل وسريع من إخوتنا في الدول العربية والإسلامية هو القيام بتحركات دبلوماسية وسياسة عاجلة على مستوى عال لمخاطبة حكومة ميانمار والضغط عليها لإصلاح الملف الحقوقي ولطرح ملف الروهنجيا في طاولة المفاوضات وإعطائهم حقوقهم وحريتهم، والسماح لهم في شهر مارس بالتعبير عن عرقيتهم في استمارات الإحصاء وحمايتهم أثناء ذلك.
كما نلفت النظر ونحذر من محاولات إثارة مشاكل جديدة من قبل البوذيين لإثارة الفتنة وإحداث بلبلة داخل إقليم أراكان من شأنها أن تمنع من إجراء هذا الإحصاء السكاني داخل الإقليم.
فهدف البوذيين هو القضاء على مَن تَبقَى من المسلمين في هذه البلاد، وهناك مؤشرات وتحركات مثيرة للجدل في داخل أراكان حالياً من قبلهم.