سارة رشاد ورحاب احمد الجمعة, 24 يناير 2014 00:54 رويدًا رويدًا يطلون علينا بوشوش كنا قد اعتدنا كذبها على مدار ثلاثة عقود، ببذلهم الأنيقة وحديثهم عن الطبقات الكادحة فى مشهد غير منسجم مع هيئتهم وأرصدتهم فى البنوك، يدعون دفاعهم عن الكرامة والمصلحة الوطنية، وهم أبعد ما يكونون عنها، يأخذون من تلك العبارات الرنانة سلمًا للبقاء فى قمة السلطة والنفوذ، مستغلين فيه بساطة المواطن وسعيه لرزقه اليومي. مشهد سياسى بعد تحرك شعبى كنا قد أطلقنا عليه مسمى" الثورة"، ثلاثة أعوام تفرقنا عنه ليعود بعدها "عتاولة النظام السابق" ليكتمون على أنفاسنا ويؤكدون هتافًا كنا فى يوم نردده "رجـع البـاشا بنـفس الـوش واللـى اتغير بـس الصـورة الله يـرحم فـى التحـرير كـان بيـبـص بـعيـن مكسـورة" رسالة كنا نهتف بها فى الشوارع موجهة إلى الداخلية لكننا اليوم أصبحنا نحتاج إلى أن نوجهها لنظام متكامل الأركان عاد بنفس الشخوص ونفس السياسات ما تغير فقط هو خطابه السياسي. كانوا يترقبون المشهد وتطوراته يلعبون بخيوطه الرئيسية من خلف الستار، "حرب ضروس" يمكنك أن تسميها استمرت ثلاث سنوات بين شباب الثورة وبينهم تحينوا فيها الفرص واستغلوا أخطاء معارضيهم وانشقاقاتهم للحصول على شرعية جديدة تسمح لهم بالظهور. لا يملكون برنامجًا سياسيًا كل ما يرفعونه من شعارات هو عداء جماعة الإخوان المسلمين، يأخذون من عداء الجماعة مبررًا لهم ويعلمون أن بقاءها مرتبط ببقائهم إلى أن تترسخ جذورهم من جديد ليظهروا انتماءهم المباركى المعروف. ما بين حركات مثل "امسك فلول" وقانون للعزل السياسى تفرقت جهود القوى الثورية، تنوعت أنماطها ولكن الأكيد أنها لم تأت بتأثير إلا على المدى الزمنى حينها، حيث نجحت وقتها فى منع الفلول من الظهور فى أول مجلس للشعب بعد الثورة، كما أنها أجبرتهم على الاختفاء عن الأنشطة العامة أو الهروب خارج الدولة، ورغم ذلك نراهم حاليًا يتصدرون المشهد سواء كانوا ساسة أو إعلاميين أو رجال أعمال. 30 يونيه .. ثورة أم ضوء أخضر لظهورهم ما بين جماعة الإخوان وأنصار النظام الحالى يختلف النظر إلى تاريخ 30 يونيه، فرغم اعتبار المؤيدين لها ثورة أو موجة ثانية لثورة يناير فى أسوأ الأحوال ينظر أنصار الجماعة على أنها ضوء أخضر للفلول بالظهور، بل يروحون بعيدًا بأن الفلول هم أنفسهم من روجوا ونظموا لنزول المواطنين فى نهاية يونيه. وفى ظل اختلاف مواقف الطرفين يبدو أن الفلول بالفعل اعتبروا 30 يونيه رفضًا من الشعب للإخوان وبالتالى يكونون هم البديل. وهو ما أكده الدكتور محمد السعيد إدريس، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث أكد أن 30 يونيه كانت نهاية لجماعة الإخوان المسلمين بعد استبعاد الحزب الوطنى من المشهد السيسى وبالتالى فالدولة تعيش فراغًا سياسيًا. وأضاف أن نظام مبارك يعمل الآن على إعادة ملء الفراغ الذى خلفه غياب الإخوان، مشددًا على ضرورة أن تعمل القوى السياسية الحالية على إعادة هيكلة كياناتها لاستيعاب الفراغ، أو تبلور الثورة فى كيان سياسى جديد قادر على كسب ثقة المواطنين. ونوه أن عيب الحياة السياسية فى مصر خلال العقود الأخيرة هو أنه كان ثنائيًا بين النظام الحاكم وهو الحزب الوطنى والإخوان المسلمين وبعد اختفاء الاثنين بتنا نحتاج لفصيل ثالث يكسر القاعدة وتتبلور مبادئ الثورة فيه. وتجلى ظهور رجال مبارك بقوة عندما نشرت شبكة يقين فيديو حديث للدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق, وأحد أعمدة نظام مبارك وهو بندوة للجمعية المصرية للسياسة والاقتصاد والإحصاء والتشريع التى يترأسها بنفسه، ودعا خلال الندوة إلى ضرورة الموافقة عليه وتمريره للعودة إلى الاستقرار، وجاءت الصدمة مع هذه الفيديو فى أنه لخص للكثيرين أن الفلول كشفوا عن وجههم "غطاء الحياء" الذى كانوا يتمسكون به خلال الثلاثة أعوام الأخيرة. ومن قبل سرور كان ظهور الدكتور حسام بدراوي، الأمين العام للحزب الوطنى, ومن كان يعرف بالوجه الإصلاحى للنظام، من خلال الفضائيات ووسائل الإعلام، كمحلل للمشهد السياسي، ويعتبر البعض بدراوى أن وجوده مقبول نسبيًا لاعتباره الأفضل من بين باقى أعضاء الوطنى. وبخلاف بدراوى جاء ظهورالدكتور على الدين هلال، أمين الإعلام بالحزب الوطني، من خلال المناسبات الاجتماعية، حيث عاد للأضواء بحضوره عزاء والدة الدكتور عمرو حمزاوى، وعزاء المنتج ممدوح الليثى قبل أيام، بعد ظهور خاطف فى أكتوبر من العام الماضى، حينما حل ضيفًا على ندوة نظمها المجلس الأعلى للثقافة، للحديث عن الفكر السياسى وتطور الدولة المصرية ومن قبلهما من خلال عدد من المحاضرات. ومن بعيد وبرغبة مترددة فى فض العزلة يناوش وزير التعليم العالى الأسبق ووزير المجالس النيابية الأسبق الدكتور مفيد شهاب الذى يعد أحد الرجال البارزين فى الحزب الوطنى المنحل، حيث كان آخر ظهور له فى عزاء الراحل ممدوح الليثى، بالإضافة لظهوره من خلال مقال أسهم به بخصوص أزمة سد النهضة. واستكمال لباقى إعادة نظام مبارك ففضل صفوت الشريف، آخر رئيس مجلس شورى فى عهد مبارك ووزير الإعلام الأسبق، أن يبقى بعيدًا عن الأضواء لأسباب قد تكون صحية مثل زكريا عزمى والمعروف بكاتم أسرار مبارك، والذى سافر للخارج لسببين الهروب والعلاج. وعن الصف الثانى من قيادات الحزب وجدنا بعض القيادات والأسماء المعروفة التى فضلت فرض نفسها على السياسة مثل حيدر بغدادي، النائب السابق فى الوطنى بمنطقة الجمالية، حيث دخل فى منافسة مع مرشح الإخوان فى آخر انتخابات مجلس شعب. ومثله كان عبد الرحيم الغول، عضو الحزب الوطنى بقنا الذى قرر أن يشارك فى حملة " كمل جميلك" داعيًا الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، للوصول إلى كرسى الرئاسة. ومنهم من قرر أن يندمج فى أحزاب سياسية بعد فشل تجربتهم فى تدشين أحزاب جديدة مثل الدكتور صلاح حسب الله الذى يتولى اليوم نائب رئيس حزب المؤتمر بعد فشله فى اقتحام الساحة السياسية من خلال حزب مستقل وهو حزب المواطن المصري. وعلى غراره اللواء أمين راضى الذى أخذ من حزب المؤتمر ستارًا له للعودة للمشهد. وبخلاف هذه الأسماء المعروفة نلحظ الظهور الفج للفلول فى المحافظات، معدين نفسهم للنزول وبقوة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، كما أنهم اتخذوا من الترويج للاستفتاء سبيلًا للظهور فى دوائرهم. المناسبات الاجتماعية وكتابة المذكرات الباب الخلفى لعودتهم وعن طرق عودتهم فمنهم من اختار أن يعود بالشكل التقليدى مثل الانضمام إلى أحزاب موجودة بالفعل أو تدشين أحزاب جديدة، وراح آخرون بعيدًا عن تلك الطرق، حيث فضلوا الاختفاء التام ثم العودة من خلال المناسبات الاجتماعية من أفراح وعزاءات، فيما فضل فصيل ثالث منهم الدخول إلى الساحة من خلال كتابة المذكرات الشخصية أو رؤيته بخصوص أزمة تشغل الرأى العام، مثل أحمد أبو الغيط، آخر وزير خارجية فى عهد مبارك، الذى صدر له مؤخرًا كتاب "شهادتي"، بنفس الطريق فرض نفسه الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء فى عهد مبارك، والذى أصدر كتاب "طريقي"، فيما ظهر نمط أخير من خلال مباريات كرة القدم مثلما فعل مفيد شهاب، وسامح فهمى، وزير البترول الأسبق. ويعد أبرز من يهدد المشهد السياسى فى مصر الآن هو الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك، وبعد براءته من كل التهم الموجهة إليه، بتنا ننتظر خبر عودته من دولة الإمارات فى أى وقت.